كنز جدتى لم يكن في كم الحكايات التى تملكه ولا حتى في قيمة تلك الحكايات انما أكثر ما يأثرنى كان ملكه القص وسحر السرد ليس فقط للحواديت وانما للاحداث ولأشخاص يحوطوننا لكننا لا نراهم كما تراهم فعيونها قادرة علي الاختراق وعلي التقاط الحدث ووضعه في كادر المشاهدة والمتابعة والتعليق ولا يخلو كل ذلك من إبداع حقيقي.. ولا ادري ان كانت كل الاحداث حقيقية ام مؤلفة ولكن المؤكد كان وجود بطلة حقيقية ودائمة لتلك الاحداث وهى للمفارقة الاخت الصغرى لجدتى إلا انها كانت علي النقيض منها شكلاً وموضوعاً.. فلم تملك جمال جدتى بوجهها المضئ وشعرها الحريري الدائم الهرب من محاولة خنقه في جدائل وقورة ولا تملك الملامح الناعمة التى تنطق طيبة ورضا بل كانت تلك الملامح تشي بالحب الذي غمر جدتي من كل من حولها خاصة جدى الذي ظل لاخر ايامه يطعمها بيديه بل ويغسل يدها ويجففها بنفسه نوع غريب من الحب كانا يتبادلاه وس كثير من الغمز واللمز لمن حرموا نعمته.
احسب ان كل هذا الحب الذي احيطت به جدتي اعطاها جمالا علي جمال وحضوراً طاغ لعقلها وحكمتها.
أما اخت جدتى فكانت صغرى اختين كلتاهما جميلة اما هى فقد تميزت بروح متمردة قوية جعلها لا تأبه كثيراً بالجمال المكسور الذي رشحها لرجل وقور كان قد خطب اختها الكبرى ولموتها المفاجئ عرضت عليه الصغرى كبديل للفقيدة وقد قبلها الرجل من باب الادب مع العائلة إلا انه لم يحتمل كثيراً خفتها ولم تحتمل هى وقاره فطلقا سريعاً في زمن عز فيه الطلاق, ولخفة ظلها كان يتهافت عليها كل بيت في العائلة ان يستضيفها عدة ايام تلون فيه البيت الذي يستضيفها بلون المرح والفرح الحقيقي حتى تزوجت ثانية بآخر وكان هذا الاخر هو البطل الثانى لحكايات جدتي:- ودى بقي حكاية اليوم
تحكي جدتي ان ابنتها الصغرى(وهى بالمناسبة امى) ذهبت لزيارة خالتها وكانت امى هي الدلوعة الشرعية للعائلة بأكملها وهى في هذه الفترة طفلة في السابعة من عمرها صغيرة وجميلة تعشقها خالتها وتريد ان تكرمها من اجل خاطر الام البادئة دوماً بكل خير اخذتها تقضي يومين في ضيافتها ومنذ اللحظة الاولى اعلنت حالة الطوارئ في البيت البسيط. تنهر زوجها علي عدم الاهتمام وتزجر اولادها ليظهروا الفرحة الواجبة بالضيفة الغاليةواخيراً يلهمها الله ان تصنع وليمة كبيرة للضيفة العظيمة ولم يكن امامها إلا ذكر الوز الذي يدخره زوجها للاحتفال بأول ايام رمضان فقامت تذبحه وتعلن ان رمضان جاء بمجئ الطفلة الجمية ويصرخ زوجها ويقسم ألا يحدث هذا ابداً.. تهدئ هى من روعه وتفهمه ان الوزة كانت تعانى في الفترة الاخيرة وان صحتها ليست علي ما يرام وان الاصوب ان تذبحها وهويقسم وهى تحاول حتى استسلمت اخيراً وأمنت علي قسمه حتى ارتاح وتركها لينام قليلاً وحينما قام وجد زوجته هادئة وقد اخذت ابنة اختها في حضنها تضاحكها وأولادها يملاؤن البيت ضجيجاً وفي وسطهم وقفت الوزة تضرب رأسها في الجدار مرة وفي الارض مرة والرجل يحاول اللحاق بها والربت عليها ثم يصرخ في زوجته وقد غاظه هدوءها فقالت له انه لم يصدق انها مريضة ففزع الرجل وقال انها تبدو كالمجنونة واخذ يحثها علي ذبح الوزة ورجاها ان تلحقها بالسكين فقامت تدعى التثاقل وهو يحثها وهى تتثاقل حتى ذبحت الوزة وكللت الوليمة واجتمعت عليها شمل الاسرة.
تضحك جدتى علي اختها وعلي الفكرة الخبيثة التى جعلتها تدس عود الكبريت في انف الوزة وجعلها تتراقص ذات اليمين وذات اليسار وجعلت الرجل يضحى بوزة رمضان ويأبى في نفس الوقت ان يأكل من الوز المجنون