Monday, March 3, 2008

حجاب المحبة

بعض الحكايات كانت جدتى تحكيها دون أن نطلبها بل كانت تعيدها بالرغم من أعتراضنا ومع مرور الوقت وحينما بدأ الفهم يغزونا كنا نعرف إنها تقصد شخص ما من وراء الحدوته وسواء كان هذا الشخص يعرف إنها تقصده أو لا يعرف فإنها لا تمل ولا تيأس من أن يفهموا فى يوم ما ،وكنا نتبادل النظرات فيما بيننا حينما تأتى إلينا جميلة البيت غاضبة فتنظر إليها جدتى عاتبة ودون أن تسمع تفاصيل غضبتها تصفق بيديها ثم تريحها على حجرها وبصوت هادئ وشبه إبتسامة تقول " صلوا على النبى " وبصوت متردد ينتظر تعليق أو أعتراض من الجميلة الغاضبة تهتف وراءها " اللهم صلى على النبى " ....

كان ياما كان يا سعد ياكرام كان فيه زمان واحدة ست ربنا سبحانه وتعالى إبتلاها بالجمال فنضحك .. فتقول جدتى يا أولاد النعمة ممكن تنقلب نقمة لو تعست صاحبها والجمال دايما يحب المعجبين به ويبحث عنهم ويضيق بتقصيرهم فيتعب من حوله ولا يريح نفسه ولا يفلت إلا عقل راجح وقلب قنوع .... وتلك المرأة كانت تعتز كثيرا بجمالها وتتباهى به وترى أن زوجها أقل الناس إحتفالا بهذا الجمال فهو دائم التقصير فى حقها . وهى ترى ذلك وزوجها يراها لا تهتم بشئ إلا بنفسها وتنتظر العطاء دون أن تبدأ هى به فزاده ذلك إهمالا ونفورا وزادها نفوره إعراضا وترفعا عليه ... لكنها كثيرا ما داهمها ضعفها وأوجعتها وحدتها فكانت تبكى وتشتكى حالها ... وفى يوم نصحتها سيدة عجوز أن تعمل لزوجها حجابا للمحبة يجعله يركع تحت قدميها ويأتمر بأمرها .. أعجبتها الفكرة كثيرا وأنعشها صورة خضوعه لها فنهضت تسأل عن من يفيدها فسمعت برجل مهيب أشتهر برجاحة عقله وحله لأكثر المشكلات تعقيدا فذهبت يملأها الأمل لحل مشكلتها فنظر إليها الرجل وسألها حاجتها فشكت له إعراض زوجها وبخله عليها حتى بالكلام الطيب فسألها إن كانت تلين وهو يقسو فصمتت ..فإن كانت تتدلل وهو يمتنع فقطبت الجبين فأطرق الشيخ وتمتم ..الوجه منور والعقل ملياه التمه ..فأسرعت ترجوه الحجاب الذى يجعل زوجها تحت قدميها ...أطرق الشيخ قليلا وقال لها أراك قليلة الحيله ولن تستطيعى لما أطلب فهما أو تنفيذا فملأها التحدى وقالت بل أمرنى فقال لابد من إحضار ثلاث شعرات من رأس أسد غضنفر .. غلبها خوفها فشهقت فقال ألم أقل لك .. تراجعت وقالت بل سأحاول فقال لها إن أستطعت إحضار الشعرات الثلاث سيكون الحجاب بين يديك ... خرجت من عند الشيخ وبدأت الأفكار تلمع فى عقلها فالشيخ يريدها أن تقترب من أسد للدرجة التى تستطيع بها أخذ ثلاث شعرات من رأسه ... تفكر فى أكثر ما يحبه الأسد ..فذهبت وأحضرت فخدة لحم عظيمة وشوتها وصعدت إلى جبل قريب سمعت أن هناك أسد يرتاده وحينما سمعت صوته يقترب قذفت له بالفخدة وأبتعدت قليلا وسمحت له أن يراها وأنها من أحضرت له اللحم الذى يحبه وذهبت فى اليوم التالى وفعلت نفس فعلتها الأولى وفى اليوم الثالث إقتربت أكثر وجلست على صخرة قريبة منه حتى أنتهى من طعامه وأقترب منها وهى تخبئ خوفها بعيدا عن نفسها وعمن يقترب منها ويملأها التحدى والرغبة الصادقة أن يصفو الزوج وينام بين يديها كما ينام هذا الأسد الآن وبعد ما استغرق فى سباته وهى تربت بيديها على جسده المسترخى شدت كومة من الشعر من رأسه ففتح عينه فى خمول ونظر إليها ثم راح فى نومه مرة أخرى وحينما أتمت مهمتها هرولت إلى الشيخ منتشية بنصرها وفتحت يديها مسفرة عن كومة الشعر أستفسر كيف فعلت فعلتها وحينما أنتهت من قصتها وجدته صامتا فسألته متى ستأخذ الحجاب ..فتعجب منها الشيخ ونهرها قائلا قومى يا إمراة من تستطيع أن تأتى لى بكومة الشعر هذه من رأس أسد لاتحتاج لحجاب ليكون زوجها بين يديها كما كان الأسد بين يديها ....نصفق للحدوته ونلمح فى وجه جدتى تعبير جميل وكأنها قد كتبت عليه " يارب تفهم " فهل فهمت وبمرور الوقت وتكرار الحدوته نعرف أن الحدوته تظل لبعض الناس مجرد حدوته

3 comments:

Anonymous said...

بارك الله فيك ورحم جدتك حقيقى حواديت لكن اغلى من اغلى ذهب فى معناها لو تدبرناهاوفهمنا ما تقصده الحدوته لكن الم تسالوا جدتكم يوم ما من حكى لها هذه الحواديت لنعلم من اى زمان كان هذا الفكر العميق الذى يستطيع ان يوصل المعلومة بكل هذه المتعة والاثارة.
نور الفجر

Anonymous said...

هذه ليست حكايات بل اكثر من ذلك بكثير فاحلي من الكلام هو ما وراء الكلام نفسه قمة في الحناكة و التلميح لا للتوضيح , ارجو ان نستفيد من تلك الحواديت الرائعة في حياتنا و تعاملاتنا مع الاخرين
و قال علي راي المثل قدم السبت تلاقي الحد قدامك
shimo

Anonymous said...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حكايات جميله
يقول عز وجل 0 و قدموا لأنفسكم )
سبحان الله

شىء مفيد ان نخاطب الطفل الذى بداخلناو نحاول ان نفهم به لحاضرنا

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
FREIND