هذه الحدوته كانت وكأنها إفتتاحية أو تحية العلم لما سيجئ بعدها من طابور الحواديت فكانت جدتى ولخبرتها الطويلة بنا تبدأ بها دون أن تسألنا . مصفقة بيديها معلنة البدء لتنهى حالة الصخب التى نفتعلها ولا أدرى على وجة التحديد سر غرامنا بهذه الحدوته . دعونى أحكيها لكم علكم تعرفون معى لماذا كانت المدخل والبداية ...
" صلوا على النبى " صلى الله عليه وسلم
كان يا ما كان ياسعد ياكرام كان فيه زمان واحد فقير غلبان لايكاد يجد قوت يومه كان يسعى للرزق من فجر يومه إلى أن يغطيه الليل ... لم يكن كسولا لكن الرزق كان ضعيفا ومرت السنون لم يستطع أن يتزوج بمن تؤنس وحدته حتى ضاق به الحال وأعيته الحيلة وفى يوم حاول أن يتلمس بعض الراحة فى المشى والبعد عن مدينته التى غلقت أبوابها دونه حتى وجد نفسه على سفح جبل ووجده يضج بالناس غريبة الشكل يولولون ويندبون حظهم ورغم أنه كان على وشك الندب إلا أن منظرهم كان مثيرا للشفقة وللعجب فأخذ يسألهم عما بهم وهم مغيبين تائهين لايسمع منهم إلا تمتمه حزينة " ياريت اللى جرى ما كان " .... فظل الرجل ينتقل بينهم حتى وصل إلى أقربهم من حافة الجبل وحينما ألح فى السؤال أمسك به وقذف به أسفل الجبل فوجد نفسه فى مدينة أخرى يالها من جميلة . ما هذه الشوارع النظيفة والبيوت الناصعة البياض . فجأة وجد أحدهم يستقبله بحفاوة ويأخذه حيث كبيرهم وكان رجلا بشوشا لايبدو عليه عمر أو مر عليه زمن أكمل الاستقبال وشرح له كيف يتسنى له العيش فى مدينتهم فشكى له رجلنا من ضيق حاله وانعدام أمواله ولكن الكبير طمأنه أن المال ليس هو العملة التى يتعاملون بها . بل أن عملتهم فى البيع والشراء وسائر المصالح هى "الصلاة على النبى " فتعجب الرجل وبدأ بألف صلاة على النبى و أشترط الكبير عليه حتى يستطيع العيش بينهم أن يتزوج منهم فهلل الرجل وسأل إن كان الزواج ضمن وثيقة الصلاة على النبى فأكد له الكبير أن الزواج أولى العقود التى لابد أن تكون بالصلاة على النبى ... هلل الرجل وكبر وسأل عن الكيفية وهو لايعرف أحد فى هذه المدينة .. فدله الكبير على شارع طويل يصطف على جانبيه الحسناوات ... العذراء منهم تحمل " طبق ملئ بالتفاح " ومن سبق لها الزواج كانت تحمل " إبريق ماء " ومن تعجبه بينهن فعليه أن يأخذ مما تحمل وعندئذ ستصحبه الفتاه إلى ولى أمرها . كاد الرجل يبكى من الفرحة فأخيرا سيتزوج ويجد من تؤنسه ، فيقوم الرجل من فوره يمشى فى شارع الزواج وقبل أن ينتصف الطريق تقع عيناه على حورية وأكثرهن كن كذلك وعلى استحياء يأخذ تفاحة فتومئ الجميلة وتسير على مهل ويمشى وراءها حتى يصل إلى والدها ... فيزوجه فى سهولة ويسر على مهر أختار هو آلاف الصلاة على النبى .. ولكن أباها أشترط شرطا وحيدا كى يكملا حياتهما وهو الا يتدخل فيما لا يعنية فوعده بكل خير . وأخذ الفتاه ونزل فى بيت جميل بسيط وعاش لعدة سنوات وكأنه فى جنه الله على أرضه حتى بدأ يزحف على حياته " الملل " آفة البشر فطلب أن يخرج عله يجد فى صحبة الناس بعض التغيير الذى يحتاج إليه
... فحاولت أن تثنية عن رغبته فلم تفلح فذكرته بوعده لأبيها ألا يتدخل فيما لا يعنيه فطمأنها وخرج تملأه رغبة فى مخالطة الناس والائتناس بهم فأخذ يلقى التحية يمينا ويسارا ورغم طيبة الناس بشاشتهم إلا أنه لم يجد منهم من يتواصل معه فالكل منهمك فى شغل ما فواصل السير حتى وجد شيخا عجوزا قصير القامة يلتحف بالبياض يتسلق شجرة عظيمة المهابه .. تعجب لحيوية الرجل وسرعته وتعجب أكثر لما يفعله فقد كان العجوز يلتقط الورقة الخضراء قبل أن تسقط من الشجرة يتأملها ويأكلها ثم يأخذ غيرها جافة صفراء ويلتهمها كسابقتها وقف رجلنا يتأمله حتى أشفق عليه من تعبه فبادره السلام والنصيحة وأن كل ما عليه أن يقطع فرع الشجرة بأكمله ويجلس ويأكل منه ما يريد .. فقطب الشيخ جبينه وأمره أن ينصرف .. وحينما رجع إلى بيته وجد زوجته حزينة وأخبرته أنها قد طلقت فأقسم أنه لم ينطق بالطلاق وكان لابد أن يذهب إلى أبيها وهناك أخبره أنه أخل بشرط الزواج وشرط الأقامة وعليه أن يرد اليمين ويتبقى له طلقتان فقط فيستسلم الرجل ويرد اليمين الذى لم يوقعه ويواصل حياته مع إمراته لايعكر صفوها شئ حتى ينتابه الشوق ثانية لمخالطة الناس ويخرج رغم تحذيرها ويحاول أن لايتدخل فى شئون غيره وتأخذه مناظر المدينة الجميلة حتى يقابل رجل يقف على بئر عميق يمسك فى يده دلو صغير فيملاه مرة لنصفه ومرة أخرى لحافته ومرة ثالثة يخرجة فارغا وهو فى كل مرة يفرغ ما يملأه فى بئر أخر بجانبه فلم يستطع أن يضن بالنصيحة ووقف يشرح للرجل كيف إنه لو أوصل بين البئرين بقناة صغيرة لأجرى الماء بين البئرين ويقابل مرة أخرى بنفس الاستنكار من الرجل ومن إمراته فى البيت ويغادرها ثانية إلى والدها ويرجع اليمين الثانى ويحذره الوالد فلم يبق الإ يمين واحد إذا أوقعة فهو الفراق ... يتشأم من كلام أبيها .. لكنه يتمسك بأمله فى البقاء وتسير الحياة بهما هانئة تحاول هى أن تنسيه أن هناك عالم غيرها ويتسى لفترة طويلة أو قصيرة حتى يخرج للمرة الثالثة تودعة وقلبها يخبرها أن لاعودة ويسير فى أنحاء المدينة يستمتع بكل ما فيها ويذكر نفسه بالشرط المحرم حتى تأخذه قدماه ناحية البحر ولم يكن يعرف أن بالمدينة بحر فيجد على شاطئه سفينة ضخمة وجمع غفير من الناس يصطفون على جانبيها كل منهم يحاول أن يشد السفينة ناحيته . يحاول بكل قوته وكل رغبته والسفينة راسخة على الشط لاتزحزح لأحد .. كاد أن يمشى دون أن يعلق على تصرف الجمع الغفير .. لكنه لم يستطيع .. فهتف أيها الناس لابد أن نتعاون جميعا حتى نستطيع زحزحة السفينة فلنجتمع جميعا فى ناحية ونحاول بكل قوتنا أن نشدها ناحيتنا .. لم يلتفت إليه أحد او يعيروه اهتماما .. غادرهم وفى قلبه وجل مما قد يجد لكنه عند الرجوع لم يجد أحد لا البيت ولا الزوجة فأسرع إلى كبير المدينة يستنجد به فأخبره أنه قضى الأمر وأنه لم يستطع الحفاظ على وعده ولم يفى بشرط البقاء لم يفهم الرجل وظل يقسم أنه لايعرف أحد فى المدينة غير إمراته حتى يتدخل فى شئونه وحاول أن يسترضى الكبير دون فائدة فأمر الله نفذ والنصيب أنتهى ولابد للمكتوب أن يصير ... بهت الرجل لكنه طالب أن يفهم . فذكره كبير المدينة بالمرات التى خرج فيها قائلا ألم تخرج ثلاث مرات وفى جولتك الأولى وجدت الشيخ العجوز يأكل من الشجرة فنصحته أن يقطع الفرع بأكمله فقال الرجل نعم تذكرت لقد كان الرجل عجوزا وأشفقت عليه من تعبه فقال الكبير:- إنه " ملك الموت " وهذه الورقة التى يأكلها إنما هى روح قد فاضت سواء كانت خضراء صغيرة السن أو صفراء بلغ من العمر أرزله وتدخلت أنت وكنت تريده أن يقطع فرع بأكمله ملئ بأرواح البشر .. إرتعش الرجل من فكرة الموت وكيف إقترب كثيرا من ملك الموت طأطأ برأسه وسأل واليمن الثانى كيف وقع فقال له الكبير :- الرجل الذى كان يجلس على البئر يوزع الماء على البئر الآخر لقد كان الرجل يقسم الأرزاق فهناك من يملئ له نصف الدلو وهناك من يملئ له الدلو كاملا وهناك من ليس له رزق فكيف تتدخل فى أرزاق الناس وأسقط فى يد الرجل وواصل صمته وواصل الكبير توبيخه واليوم ألا تذكر ما فعلت :- ألم تجد غير السفينة وناسها .. فحاول يدافع عن نفسه .. ولكنى أصدقهم النصيحة ، لقد كانوا يضيعون جهودهم .. قال الكبير وهو يتحسر على جهل الرجل وعدم تسليمه لأمره لهم .. يامسكين السفينه هى الدنيا وكل من هؤلاء الناس يحاول أن يأخذها ناحيته وكل منهم يتخيل أنها ناحيته ولكنها راسخة لاتذهب لأحد وسيظل الناس يحاولون معها ولن يرتاحوا إلا مع المحاولة والجهد المخلص ليفعلوا شيئاً مع الدنيا . هكذا هى الدنيا وأنت لم تستطيع أن تفهمها أو تفهم ناسها والأن قضى الأمر ومع بكاء الرجل وجد نفسه واقفا على سفح الجبل مع الناس الذين يولولون يبكى مثلهم ويتمتم مثلهم " ياريت اللى جرى ما كان " . رغم دموع الرجل وولولة الناس كنا نحب الحدوته ولم يكن العويل هو ما نرتاح إليه .. لكن الجنه الى نزل فيها وجعلنا نعيش قليلا والحورية التى لازمته والحياة الناعمة التى سيرتها له الصلاة على النبى بل الأكثر من ذلك رجوع الرجل إلى دنياه مرة أخرى وحتى ندمه على ذلك .... ليس شماته ... لكنه رجع لينضم إلينا على نفس الحافة من الدنيا ننتظر الجنة التى قد نذهب إليها معه
كان يا ما كان ياسعد ياكرام كان فيه زمان واحد فقير غلبان لايكاد يجد قوت يومه كان يسعى للرزق من فجر يومه إلى أن يغطيه الليل ... لم يكن كسولا لكن الرزق كان ضعيفا ومرت السنون لم يستطع أن يتزوج بمن تؤنس وحدته حتى ضاق به الحال وأعيته الحيلة وفى يوم حاول أن يتلمس بعض الراحة فى المشى والبعد عن مدينته التى غلقت أبوابها دونه حتى وجد نفسه على سفح جبل ووجده يضج بالناس غريبة الشكل يولولون ويندبون حظهم ورغم أنه كان على وشك الندب إلا أن منظرهم كان مثيرا للشفقة وللعجب فأخذ يسألهم عما بهم وهم مغيبين تائهين لايسمع منهم إلا تمتمه حزينة " ياريت اللى جرى ما كان " .... فظل الرجل ينتقل بينهم حتى وصل إلى أقربهم من حافة الجبل وحينما ألح فى السؤال أمسك به وقذف به أسفل الجبل فوجد نفسه فى مدينة أخرى يالها من جميلة . ما هذه الشوارع النظيفة والبيوت الناصعة البياض . فجأة وجد أحدهم يستقبله بحفاوة ويأخذه حيث كبيرهم وكان رجلا بشوشا لايبدو عليه عمر أو مر عليه زمن أكمل الاستقبال وشرح له كيف يتسنى له العيش فى مدينتهم فشكى له رجلنا من ضيق حاله وانعدام أمواله ولكن الكبير طمأنه أن المال ليس هو العملة التى يتعاملون بها . بل أن عملتهم فى البيع والشراء وسائر المصالح هى "الصلاة على النبى " فتعجب الرجل وبدأ بألف صلاة على النبى و أشترط الكبير عليه حتى يستطيع العيش بينهم أن يتزوج منهم فهلل الرجل وسأل إن كان الزواج ضمن وثيقة الصلاة على النبى فأكد له الكبير أن الزواج أولى العقود التى لابد أن تكون بالصلاة على النبى ... هلل الرجل وكبر وسأل عن الكيفية وهو لايعرف أحد فى هذه المدينة .. فدله الكبير على شارع طويل يصطف على جانبيه الحسناوات ... العذراء منهم تحمل " طبق ملئ بالتفاح " ومن سبق لها الزواج كانت تحمل " إبريق ماء " ومن تعجبه بينهن فعليه أن يأخذ مما تحمل وعندئذ ستصحبه الفتاه إلى ولى أمرها . كاد الرجل يبكى من الفرحة فأخيرا سيتزوج ويجد من تؤنسه ، فيقوم الرجل من فوره يمشى فى شارع الزواج وقبل أن ينتصف الطريق تقع عيناه على حورية وأكثرهن كن كذلك وعلى استحياء يأخذ تفاحة فتومئ الجميلة وتسير على مهل ويمشى وراءها حتى يصل إلى والدها ... فيزوجه فى سهولة ويسر على مهر أختار هو آلاف الصلاة على النبى .. ولكن أباها أشترط شرطا وحيدا كى يكملا حياتهما وهو الا يتدخل فيما لا يعنية فوعده بكل خير . وأخذ الفتاه ونزل فى بيت جميل بسيط وعاش لعدة سنوات وكأنه فى جنه الله على أرضه حتى بدأ يزحف على حياته " الملل " آفة البشر فطلب أن يخرج عله يجد فى صحبة الناس بعض التغيير الذى يحتاج إليه
... فحاولت أن تثنية عن رغبته فلم تفلح فذكرته بوعده لأبيها ألا يتدخل فيما لا يعنيه فطمأنها وخرج تملأه رغبة فى مخالطة الناس والائتناس بهم فأخذ يلقى التحية يمينا ويسارا ورغم طيبة الناس بشاشتهم إلا أنه لم يجد منهم من يتواصل معه فالكل منهمك فى شغل ما فواصل السير حتى وجد شيخا عجوزا قصير القامة يلتحف بالبياض يتسلق شجرة عظيمة المهابه .. تعجب لحيوية الرجل وسرعته وتعجب أكثر لما يفعله فقد كان العجوز يلتقط الورقة الخضراء قبل أن تسقط من الشجرة يتأملها ويأكلها ثم يأخذ غيرها جافة صفراء ويلتهمها كسابقتها وقف رجلنا يتأمله حتى أشفق عليه من تعبه فبادره السلام والنصيحة وأن كل ما عليه أن يقطع فرع الشجرة بأكمله ويجلس ويأكل منه ما يريد .. فقطب الشيخ جبينه وأمره أن ينصرف .. وحينما رجع إلى بيته وجد زوجته حزينة وأخبرته أنها قد طلقت فأقسم أنه لم ينطق بالطلاق وكان لابد أن يذهب إلى أبيها وهناك أخبره أنه أخل بشرط الزواج وشرط الأقامة وعليه أن يرد اليمين ويتبقى له طلقتان فقط فيستسلم الرجل ويرد اليمين الذى لم يوقعه ويواصل حياته مع إمراته لايعكر صفوها شئ حتى ينتابه الشوق ثانية لمخالطة الناس ويخرج رغم تحذيرها ويحاول أن لايتدخل فى شئون غيره وتأخذه مناظر المدينة الجميلة حتى يقابل رجل يقف على بئر عميق يمسك فى يده دلو صغير فيملاه مرة لنصفه ومرة أخرى لحافته ومرة ثالثة يخرجة فارغا وهو فى كل مرة يفرغ ما يملأه فى بئر أخر بجانبه فلم يستطع أن يضن بالنصيحة ووقف يشرح للرجل كيف إنه لو أوصل بين البئرين بقناة صغيرة لأجرى الماء بين البئرين ويقابل مرة أخرى بنفس الاستنكار من الرجل ومن إمراته فى البيت ويغادرها ثانية إلى والدها ويرجع اليمين الثانى ويحذره الوالد فلم يبق الإ يمين واحد إذا أوقعة فهو الفراق ... يتشأم من كلام أبيها .. لكنه يتمسك بأمله فى البقاء وتسير الحياة بهما هانئة تحاول هى أن تنسيه أن هناك عالم غيرها ويتسى لفترة طويلة أو قصيرة حتى يخرج للمرة الثالثة تودعة وقلبها يخبرها أن لاعودة ويسير فى أنحاء المدينة يستمتع بكل ما فيها ويذكر نفسه بالشرط المحرم حتى تأخذه قدماه ناحية البحر ولم يكن يعرف أن بالمدينة بحر فيجد على شاطئه سفينة ضخمة وجمع غفير من الناس يصطفون على جانبيها كل منهم يحاول أن يشد السفينة ناحيته . يحاول بكل قوته وكل رغبته والسفينة راسخة على الشط لاتزحزح لأحد .. كاد أن يمشى دون أن يعلق على تصرف الجمع الغفير .. لكنه لم يستطيع .. فهتف أيها الناس لابد أن نتعاون جميعا حتى نستطيع زحزحة السفينة فلنجتمع جميعا فى ناحية ونحاول بكل قوتنا أن نشدها ناحيتنا .. لم يلتفت إليه أحد او يعيروه اهتماما .. غادرهم وفى قلبه وجل مما قد يجد لكنه عند الرجوع لم يجد أحد لا البيت ولا الزوجة فأسرع إلى كبير المدينة يستنجد به فأخبره أنه قضى الأمر وأنه لم يستطع الحفاظ على وعده ولم يفى بشرط البقاء لم يفهم الرجل وظل يقسم أنه لايعرف أحد فى المدينة غير إمراته حتى يتدخل فى شئونه وحاول أن يسترضى الكبير دون فائدة فأمر الله نفذ والنصيب أنتهى ولابد للمكتوب أن يصير ... بهت الرجل لكنه طالب أن يفهم . فذكره كبير المدينة بالمرات التى خرج فيها قائلا ألم تخرج ثلاث مرات وفى جولتك الأولى وجدت الشيخ العجوز يأكل من الشجرة فنصحته أن يقطع الفرع بأكمله فقال الرجل نعم تذكرت لقد كان الرجل عجوزا وأشفقت عليه من تعبه فقال الكبير:- إنه " ملك الموت " وهذه الورقة التى يأكلها إنما هى روح قد فاضت سواء كانت خضراء صغيرة السن أو صفراء بلغ من العمر أرزله وتدخلت أنت وكنت تريده أن يقطع فرع بأكمله ملئ بأرواح البشر .. إرتعش الرجل من فكرة الموت وكيف إقترب كثيرا من ملك الموت طأطأ برأسه وسأل واليمن الثانى كيف وقع فقال له الكبير :- الرجل الذى كان يجلس على البئر يوزع الماء على البئر الآخر لقد كان الرجل يقسم الأرزاق فهناك من يملئ له نصف الدلو وهناك من يملئ له الدلو كاملا وهناك من ليس له رزق فكيف تتدخل فى أرزاق الناس وأسقط فى يد الرجل وواصل صمته وواصل الكبير توبيخه واليوم ألا تذكر ما فعلت :- ألم تجد غير السفينة وناسها .. فحاول يدافع عن نفسه .. ولكنى أصدقهم النصيحة ، لقد كانوا يضيعون جهودهم .. قال الكبير وهو يتحسر على جهل الرجل وعدم تسليمه لأمره لهم .. يامسكين السفينه هى الدنيا وكل من هؤلاء الناس يحاول أن يأخذها ناحيته وكل منهم يتخيل أنها ناحيته ولكنها راسخة لاتذهب لأحد وسيظل الناس يحاولون معها ولن يرتاحوا إلا مع المحاولة والجهد المخلص ليفعلوا شيئاً مع الدنيا . هكذا هى الدنيا وأنت لم تستطيع أن تفهمها أو تفهم ناسها والأن قضى الأمر ومع بكاء الرجل وجد نفسه واقفا على سفح الجبل مع الناس الذين يولولون يبكى مثلهم ويتمتم مثلهم " ياريت اللى جرى ما كان " . رغم دموع الرجل وولولة الناس كنا نحب الحدوته ولم يكن العويل هو ما نرتاح إليه .. لكن الجنه الى نزل فيها وجعلنا نعيش قليلا والحورية التى لازمته والحياة الناعمة التى سيرتها له الصلاة على النبى بل الأكثر من ذلك رجوع الرجل إلى دنياه مرة أخرى وحتى ندمه على ذلك .... ليس شماته ... لكنه رجع لينضم إلينا على نفس الحافة من الدنيا ننتظر الجنة التى قد نذهب إليها معه